مؤسسة أمان للرئيس عباس: وضع السلطة الفلسطينية بات خطيرا وبحاجة لإصلاح جدّي
نشر بتاريخ: 2021/10/27 ( آخر تحديث: 2024/03/26 الساعة: 21:14 )

بعث الائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة (أمان) رسالة إلى الرئيس محمود عباس أكد فيها أن الوضع الحالي في السلطة الفلسطينية بات خطيرا وبحاجة ماسة لإصلاح هيكلي جدّي، خصوصًا في ظل تعطل عملية التداول السلمي للسلطة ووقف عملية الانتخابات كآلية ديمقراطية للوصول إلى السلطة.

وقال "أمان" في رسالته إنّه يتابع باهتمام بالغ قرار عباس بتشكيل لجنة وطنية للإصلاح الإداري باهتمام بالغ نظرًا للحاجة الفعلية لإجراء إصلاح جدّي وجوهري في أجهزة ومؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية بهدف معالجة الإشكاليات والاختلالات القائمة، بالاحتكام لقواعد القانون الأساسي الفلسطيني وقيم وثيقة الاستقلال والممارسات الفضلى في إدارة الحكم

وأشار إلى قرار عباس بتشكيل لجنة وطنية للإصلاح بوضوح لإدراكه بأن النظام الإداري والمالي والأمني الحالي بحاجة للمراجعة والإصلاح، الأمر الذي يتطلب التوقف والتدقيق والفحص بعمق لواقع وطبيعة الاختلالات في بنية وتشريعات النظام السياسي برمته، وبشكل خاص المؤسسات التي تعمل دون وجود قانون ناظم أو هيكليات معتمدة مثل الأجهزة الأمنية والمحافظين والهيئة العامة للبترول أو دون لوائح تنفيذية أو أنظمة مثل المحكمة الدستورية.

ونوّه إلى ضرورة تحديد آليات إصلاحها وترشيق هيكليات السلطة الوطنية الفلسطينية وترشيد نفقاتها وتحسين أدائها، في ظل الواقع المالي الصعب للسلطة الناجم عن استمرار وجود عجز بالموازنة العامة السنوية، إضافة إلى ارتباط ذلك بالضغوطات الخارجية المطالبة بالإصلاح إلى جانب المطالبات الداخلية بذلك.

وأكّد الائتلاف ضعف الشفافية والتشاركية والنزاهة في ممارسة الحكم، ووصولًا إلى إضعاف الرقابة الرسمية على السلطة السياسية باعتبارها مؤثراً أساسياً في النظام السياسي، ناهيك عن الاعتراضات على ممارسات قمعية شملت إجراءات توصف بأنها تعدّي على الحريات العامة والحقوق الاساسية، الأمر الذي عجّل من التدهور المتواصل في نزاهة الحكم والتدحرج السريع باتجاه نظام سياسي شمولي وسلطوي مترافق مع استمرار الانقسام السياسي.

تجسيد الممارسة الديمقراطية

وشدّد على أنّ عملية الإصلاح ينبغي أن تُركز على القضايا التي تضمنتها في معظمها أجندة السياسات الوطنية والخطة الوطنية للتنمية المعتمدة من قبل الحكومة، مؤكّدًا وجوب تجسيد الممارسة الديمقراطية في دولة فلسطين من خلال تنظيم انتخابات ديمقراطية ودورية على المستويات كافة، وتعزيز احترام مبادئ التعددية وعدم التمييز وصون الحقوق والحريات الأساسية للمواطن.

كما أكّد على ضرورة وصول المواطنين للعدالة من خلال ضمان نزاهة النظام القضائي واستقلاليته وفاعليته، وتعزيز تنفيذ الأحكام القضائية.

ولفت إلى أهمية تعزيز العدالة الاجتماعية وسيادة القانون، وذلك من خلال تبني سياسات لتوفير الحماية الاجتماعية للفئات الفقيرة والمهمشة من خلال إصدار قانون عادل للضمان الاجتماعي وتطوير المسؤولية الاجتماعية ومأسستها وتعزيز الحوار الاجتماعي.

وشدّد على أهمية وضع سياسات صحية شاملة ذات جودة عالية وتوفير خدمات الرعاية الصحية الشاملة وإتاحتها للجميع، الأمر الذي يتطلب إصلاح نظام التأمين الصحي العام وتعزيز الاستدامة المالية لنظام الرعاية الصحية.

الشفافية والمؤسسات الرقابية

كما شدّد "أمان" في رسالته إلى عباس على وجوب اعتماد الشفافية، وضمان الحق في الوصول للمعلومات، وتفعيل دور المؤسسات الرقابية المالية والإدارية، وتعزيز فعّالية المؤسسات العامة واستجابتها لاحتياجات المواطنين.

وبيّن أن ذلك يكون من خلال تفعيل المساءلة في العمل الحكومي ومكافحة الفساد، وإطلاق بوابة الحكومة الالكترونية لتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين من خلالها، وتعزيز الشراكة مع منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص.

ودعا الائتلاف إلى كفاءة وفعالية إدارة المال العام، وترشيد النفقات، وإصلاح نظام التقاعد لموظفي القطاع العام، وإعادة هيكلية المؤسسات العامة باتجاه عملية إلغاء البعض منها أو الدمج لتعزيز كفاءتها في تقديم الخدمات وإنشاء مؤسسات مزودي الخدمات العامة الأساسية سيما خدمات الكهرباء والمياه.

كما دعا إلى توفير الأمن والأمان للوطن والمواطن وتعزيز سيادة القانون بالتركيز على حوكمة قطاع الأمن وتعزيز القدرة على الاستجابة للكوارث وإدارة الأزمات.

وأشار الائتلاف إلى ضرورة إحداث تغييرات في شغل المناصب العليا في النظام السياسي بما يكفل النزاهة والشفافية في الوصول إليها وفقا للكفاءة ومبدأ تكافؤ الفرص، ووجود لجنة جودة الحكم للرقابة على هذه التعيينات، ومدى الالتزام.

وبين أن ذلك يكون بمدد البقاء في الوظائف وفقاً للقانون، وبشكل خاص للسفراء والمحافظين وقادة الأجهزة الأمنية ورؤساء المؤسسات العامة الحكومية وغير الحكومية.

كذلك دعا إلى إعادة النظر في بنية مؤسسات الإعلام العمومي وخطابه بما يعبر عن تطلعات وهموم مختلف الشرائح الاجتماعية للمجتمع الفلسطيني وآرائه السياسية، وبما يعزز الوحدة الوطنية باعتباره إعلاماً يعبر عن المواطنين كافة.

لجنة وطنية للإصلاح

وأكد "أمان" على أن نجاح أي عملية إصلاح للنظام القائم على إدارة شؤون الدولة في فلسطين يتطلب تولّي لجنة وطنية الإشراف على عملية الإصلاح تتكون من شخصيات عامة تتمتع بالنزاهة والحيادية والاستقلالية وبالخبرات الكافية أو من شخصيات عملت سابقا في الإدارة العامة، وتحظى بثقة واحترام المواطنين الفلسطينيين، بهدف تعزيز ثقة المواطنين بجدية الإرادة السياسية في عملية الإصلاح.

وذكر أن اللجنة المُعلن عن تشكيلها بتركيبتها الحالية تعتبر لجنة حكومية فقط وليست مشكلة على صعيد وطني كونها لا تضم شخصيات من خارج العمل الرسمي ومن القطاعات المختلفة أيضاً، ما قد يثير التخوف من أن تكون عملية الإصلاح شكلية وليست جوهرية وأن تؤدي إلى استمرار ضعف نزاهة الحكم القائم وحماية أقطابه المتنفذين.

ودعا إلى تحديد أهداف ومهام واضحة للجنة وسقف زمني لإنجازها لمهامها، فضلا عن تحديد آليات مساءلة واضحة على أعمالها، وأهمية اعتماد مبادئ الشفافية في عملها تجنبا لأي تضارب في المصالح وحقا للمواطن الفلسطيني في الاطلاع على مجريات عملية الإصلاح التي يجب أن يكون هدفها النهائي هو المصلحة والمنفعة العامة.

ونوّه الائتلاف إلى أن المهام المذكورة بقرار تشكيل اللجنة عامة وفضفاضة؛ "إذ اقتصرت على مراجعة القوانين والهيكليات دون فحص الممارسات".

ورأى أنه لا بد من تقييم وفحص ممارسات المسؤولين ومساءلتهم عن أية تجاوزات في استخدام المنصب العام أيضًا.

وشدّد على وجوب أن يتحمل مجلس الوزراء مسؤولياته في عملية الإصلاح "فما جاء في قرار تشكيل اللجنة من مهام يتقاطع بشكل جلي وواضح مع مهام مجلس الوزراء الفلسطيني التي نص عليها القانون الأساسي الفلسطيني وتحديدا في المادة (69)".

وأكد على الحاجة الحقيقية المُلحة لإصلاح النظام القائم وإنهاء الانقسام وإعادة الحياة الديمقراطية لفلسطين، كما أكّد على ضرورة إعادة النظر بالجهة المُكلفة بذلك وتحديد الأهداف والأولويات وفقا لما تضمنته هذه الرسالة كي لا تنتهي هذه الفرصة إلى تكريس هيمنة مراكز النفوذ الذي سيؤدي إلى مزيد من الانزلاق في مستنقع الفساد السياسي.