نشر بتاريخ: 2022/05/15 ( آخر تحديث: 2022/05/15 الساعة: 17:21 )
أشرف أبو خصيوان

راديو الشباب
أشرف أبوخصيوان كاتب ومحلل سياسي

ذهبت الزميلة الصحفية (شيرين أبو عاقلة) إلى الرفيق الأعلى، تركت خلفها ارثا وطنياً وصحفياً، لا يُمكن لنا نُكرانه او تخطي هذا السجل الحافل من العمل الصادق بموضوعية ومهنية.

ما أثير حول معتقد شيرين الديني وضرورة الترحم عليها وطلب لها المغفرة، يأتي من باب الاستخفاف بالعقل الوطني الجمعي الذي لا يفرق بين المسلم والمسيحي في وطن يرزخ تحت الاحتلال الذي لا يفرق رصاصه بين مسلم ومسيحي.

سقطت (شيرين أبوعاقلة) شهيدة الواجب الوطني والمهني برصاص الاحتلال الإسرائيلي في مدينة جنين، لم تشفع لها سترتها الصحفية وخوده رأسها من تلقي رصاصة في مقتل.

عجت مواقع التواصل الاجتماعي والمتفزلكين بأفكار التحريم تارة وفتاوي المتشددين الذين يرون في الدين الإسلامي فكوا مستعصياً على تقبل الأخرين في الحياة.

بالعودة الي العهدة العمرية، ليس من باب التذكير بمضمونها بل للتذكير بالأحقية التاريخية للمسيحيين في الأراضي الفلسطينية وحريتهم في معتقدهم واموالهم وكنائسهم، فمنذ ذلك اليوم لم نرى من إخوتنا المسيحيين ما يدعو للضجر، بل هم رأس الحربة ورسالتنا التسامحية للعالم.

لا يُمكن البناء على التناقضات التي نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، أنها تُشكل بوادر أو بواطن أزمة دينية في الأراضي الفلسطينية، ولا يُمكن اعتبار ذلك دعوة صريحة لرفض الأخرين، بل هي أزمة عابرة، تم تغذيتها بروح الجهل واللامنطق.

فقد خَرج أصحاب الفكر الطفولي بصفر كبير في المعادلة الوطنية، التي ناضلت من أجلها (شيرين أبوعاقلة)، تلك المعادلة التي فرضت نفسها على الجميع في العالم، بأن القضية الفلسطينية لا زالت حية في قلوب العالم الحر، وأن ما يسعى الاحتلال الاسرائيلي لترويجه وبث سمومه عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال اعادة توجيه الرأي العام الفلسطيني والعربي والعالمي إلى قضايا ثانوية، قد فشلت أمام مشهد تشييع جثمان الشهيدة (شيرين أبوعاقلة) في مدينة القدس.

هندسة الرأي العام في المجتمعات المتحضرة والواعية وطنيا،ً من الصعب أن تنحرف بوصلتها الوطنية عن القضية الأساسية، وتُبقي التركيز مُطلقاً وموحداً تجاه تحقيق الهدف.

لقد هدفت اسرائيل من خلال اعتراض جنازة (شيرين أبوعاقلة) والاعتداء عليها، إلى فرض رؤية ترامب بأن القدس عاصمة لدولة اسرائيل، ولن يتمكن الفلسطينيين من رفع العلم الفلسطيني أثناء جنازة التشييع، ولكن كان ذلك مُستحيلاً، فقد فرض شباب القدس رؤيتهم، وودعوا عروس فلسطين كما كانت تُحب وأكثر، هي جنازة وقُداس يَليق بالزعماء والقادة، فهذه الأيقونة الاعلامية والمنبر الصحفي المتحرك على مدار 25 عام، طرقت جميع أبواب مدينة القدس وشوارع الضفة الغربية وأزقتها، وتعرف ممراتها وحدائقها، لقد سارت على درب الألم، وكشفت عن الوجه القبيح للاحتلال الاسرائيلي في حياتها وفي موتها.
لذلك تستحق شيرين أبوعاقلة منا الترحم عليها وطلب لها المغفرة، ألسنا من يقول "الرحمة لا تجوز إلا على الميت".