نشر بتاريخ: 2022/04/24 ( آخر تحديث: 2022/04/24 الساعة: 15:25 )

راديو الشباب  

راديو الشباب- نور عليان

لم تتوانى مصر الشقيقة يوما على إطفاء نار الصراع بين قطاع غزة ودولة الاحتلال على مدار سنين طويلة، فمنذ "16" عاما، وغزة تواجه اعتداءات متواصلة من قبل الاحتلال "الإسرائيلي"، فكانت مصر الوسيط الرئيسي في السعي للتوصل إلى اتفاقيات عدة تساهم في الوصول إلى مرحلة الهدوء والاتفاق بين الجانبين.

انقسام ومحاولات للمصالحة

منذ عام "2006" بعدما تولت حركة حماس الحكم عقب الانتخابات التشريعية، وحدوث رفض واسع لعدم الرضا عن نتائج الانتخابات، والدور المصري ارتبط بملفات ذات أبعاد متعددة، حيث لعبت جمهورية مصر العربية دورها الأساسي في تحريك ملف المصالحة بين حركتي حماس وفتح، وتضميد جرح الانقسام بينهم، وتبنت مصر استضافة الطرفين في القاهرة، لتوحيد الصف الفلسطيني وإنهاء الانقسام الداخلي، رحبت مصر في سبتمبر 2017 وفدا من حركة فتح، لبحث سبل إتمام المصالحة، حيث يضم الوفد كلا من عزام الأحمد، عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وروحي فتوح، عضو اللجنة المركزية ومفوض العلاقات الدولية، وأيضا وفد حركة حماس، حيث تجري جلسات حوار لإبرام اتفاق وتحديد آليات تنفيذه.

وفي إطار تلبية الدعوة المصرية للحوار في الملفات المتعلقة بالعمل الحكومي والموافقة لعقد اجتماع يضم كل الفصائل الفلسطينية وتنفيذ " اتفاق القاهرة" عام 2011، وملحقاتها "ملف الحكومة والأمن والانتخابات ومنظمة التحرير والحريات العامة" الذي يشمل الضفة المحتلة وقطاع غزة وملف المصالحة المجتمعية، أعلنت حركة حماس في بيان لها، حل اللجنة الإدارية في غزة وتمكين حكومة الوفاق الوطني من العمل داخل غزة وتحمل مسؤولياتها في القطاع كما في الضفة المحتلة، وصولا إلى التحضير لإجراء الانتخابات العامة والمقصود بها انتخابات رئاسية وتشريعية والمجلس الوطني الفلسطيني.

بشكل رسمي، تسلمت حكومة الوفاق مهامها في قطاع غزة، حيث عقدت الحكومة برئاسة رامي الحمد الله أول جلسة لها في أكتوبر 2017، وتكللت الجهود المصرية بإنهاء الانقسام بين الحركتين، حينها ألقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كلمة مسجلة أكد فيها حرص مصر على تقديم أشكال العون والمساندة لتحقيق الوحدة اللازمة للانطلاق نحو الأهداف والغايات القومية للشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية، ومشاركة مصر في تحقيق السلام الشامل والعادل في المحافل الدولية كافة.

عدوان ثم اتفاق بجهود مصرية

تنامى دور الجهات المصرية ليصل الارتباط بالبعد الأمني، حيث قادت مصر ملف تثبيت التهدئة بين الفصائل الفلسطينية في غزة ودولة الاحتلال، في أكثر من مناسبة منذ 2007، وكان لمصر إبرازا واضحا في قيادة مفاوضات صفقة التبادل والتي بدأت أواخر عام 2009، وتكلل جهدها بالنجاح في إبرام صفقة تبادل أسرى بين حماس والاحتلال عام 2011.

اللواء نصر سالم، أستاذ العلوم الاستراتيجية والخبير في الملف الفلسطيني الإسرائيلي، قال: إن "التدخل المصري في الأزمة الراهنة فاق التوقعات المحلية أو العالمية"، وأن جهود وقف إطلاق النار بين الجانبين، دور تؤديه مصر في أي صراع يندلع بين الفصائل والاحتلال، وأشار إلى أن الموقف المصري يسعى دوما للتهدئة والحرص على استقرار المنطقة بالكامل، وحماية الأمن القومي المصري عندما تكون غزة هي ساحة المواجهات.

التحركات المصرية لم تقتصر على إرسال وفود للتباحث مع طرفي الصراع، لكن هناك اتصالات جرت في الاجتماعات المغلقة، وقادت للتفاهمات، بعضها أعلن للعالم بداية من مباحثات السيسي في باريس حتى جهود موظفي وزارة الخارجية مع الجانبين على مدار أي عدوان على قطاع غزة.

التهدئة المصرية ثمرة لجهود القاهرة المتواصلة لوقف إطلاق النار، وفي العدوان الأخير على قطاع غزة في مايو/آيار 2021، سعت مصر بشكل مكثف للوصول إلى اتفاق، فكان الرئيس عبد الفتاح السيسي تلقى اتصالا هاتفيا حينها من نظيره الأمريكي "جو بايدن" تم خلاله التوافق على احتواء التصعيد ووقف إطلاق النار، ليس ذلك فقط، بل أجرى السيسي محادثات مماثلة مع الأمين العام للأمم المتحدة "أنطونيو غويتريش"، حيث ناقشا أهمية إطلاق جهد جماعي دولي يهدف لإعادة بدء مسار المفاوضات بين الجانبين وتحقيق السلام المنشود وفق المرجعيات الدولية.

إعادة إعمار قطاع غزة

لم يسلم قطاع غزة من عنجهية الاحتلال وعدم إنسانيته في أن يدمر الشجر والحجر والإنسان، فكانت هجماته على القطاع مسعورة، ضاربا بعرض الحائط كل المعاريف الإنسانية والدولية والحقوقية، ففي عام 2015 احتضنت مصر مؤتمر إعادة إعمار غزة، حيث كان الاحتلال يمنع دخول مواد البناء والإعمار للقطاع؛ بسبب عمل شركات دولية في المشروعات، لكن الرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن عن عمل شركات مصرية على إعادة الإعمار تحت حماية الدولة المصرية، ليكون هذا إنجازا تاريخيا واضحا في إدارة تلك الأزمة، حيث عملت مصر على تحقيق التوازن وسعت بجد إلى التهدئة منذ بداية الاعتداءات على غزة، ويظهر ذلك جيدا في سعيها وزيارة وفودها للجانبين، فجاءت تلك الجهود حقنا لدماء الشعب الفلسطيني، وجهد مصر المستمر للبحث عن حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية.

لم تقتصر الجهود المصرية عند المساعي الدبلوماسية فقط، فمنذ تبنيها إعادة الإعمار، فتحت مصر مستشفياتها في ثلاث محافظات لاستقبال الجرحى الفلسطينيين للعلاج فيها عبر معبر رفح الذي يعد شريان الحياة للقطاع.

فيما وجه عدد من الأحزاب المصرية قافلة مساعدات كبرى إلى غزة، تزامنا مع سريان وقف إطلاق النار في العدوان الأخير على غزة، إلى جانب ذلك، أرسلت وزارة الصحة المصرية قافلة مساعدات تضم "65" شاحنة تحتوي على مساعدات طبية وإغاثية، والعديد من المساعدات التي قدمتها مصر لقطاع غزة من أجل التهدئة وانتشار السلم في المنطقة.

وبعد انتهاء العدوان الأخير على غزة، أعلنت مصر عن تقديمها "500" مليون دولار كمساعدة في إعادة إعمار المنازل والمنشآت المهدمة في القطاع.

فضلا عن ذلك، تواصل الآليات والمعدات المصرية تأسيس وإنشاء مدينة "دار مصر3" السكنية في بلدة بيت لاهيا شمالي قطاع غزة، تحت إشراف كامل من قبل اللجنة المصرية لإعمار غزة، وانطلق العمل في مشروعات الإسكان حتى حشدت السواعد المصرية لتقدم أفضل ما لديها على الأراضي الفلسطينية، ولم يتوقف الدعم المصري المستمر لقطاع غزة، ومد يد العون لانتشال الفلسطينيين من ظروفهم الصعبة عقب العدوان على غزة.

لن ينسى الشعب الفلسطيني خاصة قطاع غزة دور مصر الشقيقة وجهودها المتواصلة في إعادة ترميم ما دمره الاحتلال، وسعيها المستمر ودعمها من أجل تحقيق الهدف المنشود وهو الهدوء والسلام.