نشر بتاريخ: 2021/09/20 ( آخر تحديث: 2021/09/20 الساعة: 16:06 )
د. طلال الشريف

راديو الشباب المتتبع لنتائج النضال الوطني الفلسطيني المستمر منذ البدايات الأولى للمشروع الصهيوني التي غلب عليها فقدان بالتدريج للأرض، وتهجير أو هجرة بالتقسيط للشعب الفلسطيني، ناهيك عما يصحب أو يتبع  تآكل تلك الثوابت (الأرض والشعب)، من مآسي ومعاناة وخسائر مادية وبشرية، وإعاقات بآفاقها الممتدة من إعاقات جسدية للفلسطينيين،  مرورا بإعاقات الخدمات، وإعاقات الإقتصاد، وصولا لإعاقات التطور العلمي، واهتزاز الثقافة ومراوحتها في المكان في أحسن الظروف، وليس إنتهاءاً بإعاقات السفر والحركة وحرية التنقل داخليا وخارجيا بشكل متواصل على إمتداد سنوات قرن من الزمان.

 هناك للأسف تشيأ ثابت أخطر يكمن في تلك المسيرة الوطنية وهو (أولويات  إدارة الصراع) الذي غلب عليه الاختلاف  الدائم بين أحزاب وجماعات وأجسام وقيادات وشخصيات العمل الوطني التي كانت على الدوام  تتفرغ لأوقات زمنية قصيرة من (زمن الصراع) للعمل الوطني ضد المحتل مقارنة بالإشتباك والخلاف والصراع الذاتي والبيني بين مكونات الحركة الوطنية بالشكل الملفت للنظر على مدار الوقت.. من عصر الحسيني والنشاشيبي حتى عصر الإخوان والوطنيين.

هذه الثوابت الثلاث، الأرض، والشعب، وإدارة الصراع الداخلي، هي الأسباب الرئيسية في التراجع الدائم والخسائر المتواصلة في قضيتنا، في الأولى نخسر بشكل دائم الأرض وضياعها وفي الثانية نخسر بشكل مستمر في السكان أي الهجرة الإرادية والتهجير القصري للشعب،  وفي الثالثة نحن مستمرون حتى اللحظة في فقدان بوصلة الوحدة الوطنية بخلافاتنا غير المفهومة والغامضة في كل الظروف ..

 وعليه فالنتائج حتما ما نراه لقضيتنا منذ قرن. لا تحرر، ولا استقلال، ولا توافق على شيء، وطوال الوقت يتقدم الإحتلال ويجني نتائج غير متوقعة من عظام أكبر قضية عادلة في العصر الحديث وهي قضيتنا الفلسطينية،  وشعب لا يمكن وصمه بالتخلف أو الجهل أو الرجعية أو حتى العرقية والطائفية..  ولذلك هذا عيب علينا ومعيب لنا.

هناك جوهري آخر لا يقل أهمية عما تحدثنا به أعلاه، وهو، كأن مهمتنا التي درجنا عليها أصبحت إسقاط كل مشاريع تقدم لنا من أي كان مرة بعدم الأعجاب بكليتها أو في بعض تفاصيلها، ومرة بحكم رهن قرارنا لآخرين ومصالحهم التي لا تتوافق مع مصالحنا ولهم أجنداتهم، ومرة ثالثة بخلافاتنا الغامضة المتذيلة للغئوية أو للتبعية، ومرجع ذاك  كله هو عنصر ضعف ناتج عن ترهل عناصرنا الثابتة والمرتبكة الثلاث التي ذكرناها، ضياع الأرض، وهجرة السكان، والخلافات البينية، وتتقدم دائما حاجتنا للمال وتأمين العلاقات الشخصية والحزبية وتذيلاتنا للآخرين والجاه السياسي الذي نطمح له  ولم تستفد منه قضيتنا ولم يستفد منه شعبنا بقدر ما تستفد منه قياداتنا وأحزابنا ومرجعياتها المالية والفكرية على الدوام.. وهكذا تضيع البوصلة.

ويتواصل الشعار والضلال، اعادة اعمار ، اغاثات فقر وجوع، دعم صمود، تهدئة مالية، هدنة طويلة، ترشيد حكم، دمقرطة سياسة وسياسيبن، وأجيال تتبادل الأدوار لتعيد انتاج نفس الحلقة والدوامة، وعلى راياتك علي، والإسلام هو الحل، والغرفة المشتركة، شراكة ومشاركة،  ومين السبب في الحب الدولار وإلا اليورو، ودوخيني يا لمونة، وخض في اللبن يمكن يطلع استقلال، وصد الهجمة الصهيونية صد، وتسقط المشاريع والنصر حليفنا، وبنرجع لورا لورا.. وبعدييين ؟!

ليس مهمتنا مواصلة خض اللبن وإسقاط المشاريع والتراجع المستمر وهي علامات الهزيمة المستمرة بالقطاعي، وهي بالمناسبة أخطر من الإستسلام ورفع الراية البيضاء،.

مهمتنا أن ننقذ ما يمكن إنقاذه من الأرض وما يبقي شعبنا على تلك الأرض، كي لا تنقرض دولة الوعد وكي لا ينقرض كل ما حلمنا به، ورفعنا له الشعارات منذ قرن مضى .. 

السؤال الذي أصبح ملازماً لسؤال ما العمل، هو، هل عملنا في كل مراحل نضالنا عملا حقيقيا تجاه كل ما كان من فرص سواء أفضل أو أسوأ أو ما كان متاحاً، وآخرها حل الدولتين كمثال؟ 

 هل قمنا بما كان مطلوبا لذلك؟ أم نريد إزاحة السبب على الآخرين حتى لو كانوا يمتلكون أفضل منا وتسببوا في ذلك؟ ولماذا لم ننجح ونفرض ما كان متاحا بعملنا وادارتنا واخلاصنا لهدفنا.. 
مثال : هل كان وقف الانتفاضة الكبرى صواباً؟ وهل كان الصح استمرارها وخلق ابداعات جديدة تضغط على المحتل إلى جانب التفاوض؟

ومثال أيضا: هل كان بإمكاننا أن نكون أكثر عدلا في حكم أنفسنا  أم تجاوزنا خطوطا حمراء سواء في حكم الضفة أو في حكم غزة؟

ومثال آخر أيضاً: أين ذهبت مليارات الدولارات التي دفعت بإسم الشعب والثورة والجهاد ؟ ومن أضاعها؟ أو من نهبها؟
هناك خلل كبير يحتاج عمل كبير ويحتاج عقل وإخلاص أكبر.